كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته


 لماذا أكتب هذا المقال؟

ولماذا كلنا راعٍ؟

ومن هم الرعية؟

الرعية هم هذا الجيل، المُتهم بأنه "دلوع" و"جيل الآيباد" و"عديم المسؤولية"، جيل "التوك توك" و"الانستا" و"السناب شات".

هذا الجيل الذي قضى عاما ونصف بعيدا عن المدرسة، ضاع فيها فصل كامل بدون تعلم، وعام كامل كان الطالب وحده في المنزل، بلا حسيب ولا رقيب إلا الرقابة الذاتية التي يفترض أن تكون من شاب أو فتاة في سن الطفولة أو المراهقة؛ فاختار الكثير منهم أو الأغلب أن يتجه لما يحب، وأن ينحاز لمراهقته، ورغم ان الكثير من المعلمين وأولياء الأمور حاولوا وزن الأمور، إلا أن "غياب الرقابة" أفرز نتائج لن أقول "غير متوقعة" ولكنها "غير مرجية".

عام كامل والطالب، أو المراهق يمارس حريته المحبوبة؛ ثم فجأة عاد الوضع إلى ما كان عليه، أو هكذا رجونا، ولكنه لم يكن كذلك؛ فالأبناء لم يعودوا كما كانوا، والحاصل التعليمي ليس كما بدا عليه؛ فالطالب الذي حصل على "أ" غالبا لم يكن يستحقها، والطالب الذي حصل على "هـ" لم يكن يستحقها، وكان بحاجة لمن يأخذ بيده، ولم يجده.

في هذا العام، الطالب يحتاج للمعلم أكثر من أي عام مضى، يحتاجه لأن يأخذ بيده، ويعيده إلى النقطة الأقرب للتعلم، يحتاج لأن يحتويه، ويحتمل تمرده، وعدم رغبته في العودة من رحلة "الحرية اللامحدودة" التي بدأها مصادفة، ولم يكن مستعدًا لها.

المعلم "أب" والأب "معلم"، على كل واحد منهم أن يأخذ مجدافًا، ويجدف؛ لينجو الطالب من الغرق، وإذا كان الأب أبا لطالب واحد؛ فإن المعلم أب لكل طلابه، وهنا يتضاعف دور المعلم.

أنا لا أدعي المثالية، ولكني معلمة وأم، خضت حربًا باردة مع أبنائي في عام التعلم عن بعد، وخضت حربا مع طالباتي للوصول بهن إلى التميز، والنتائج في البوابة التعليمية تشهد على ذلك.

لست مثالية ولن أكون، ولكن كل طالبة لدي أمانة في عنقي سيسألني الله عنها يوم القيامة، ولا أود بأن أُضيّع أمانتي.

في فترة التعلم عن بعد استقبلت الطالبات في منزلي لحل مشاكل المنصة لديهن، وأحيانا كنت أذهب إلى منازلهن إن تعذر حضورهن.

واجهت طالبات، لديهن صعوبات في التعلم، ولا يعرفن القراءة ولا الكتابة في الحلقة الثانية؛ فحاولت جاهدة أن أنقذهن من الرسوب على الأقل في مادتي.

لم أهدر أي حصة من حصصي، وإن تغيبت لأي سبب أعوضها لاحقا باي شكل من الأشكال.

ذكرت أنني قد آخذ طالبا مقصرا من حصة الرياضة، وذكرت الرياضة كمثال وليس كأمر حتمي لأن الطلاب يحبون الرياضة، وهذا نوع من العقاب النفسي، الذي سيجعل الطالب يفكر مائة مرة قبل أن يقصر في المرة الثانية.

ولكني كنت أستغل حصص الاحتياطي، وكثيرا كثيرا كانت الطالبات يأتين في الفسحة لإكمال مشاريعهن؛ لأن ثمة شغف نجحت في غرسه بداخلهن.

استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية، ولا أعلم أين المشكلة إن تركت شرحا في اليوتيوب أو الانستجرام، أو طلبت من الطالب عمل شرح، ورفعه في حساب خاص بالصف، أو حتى حسابه، بدلا من كتابة تقرير كمشروع.

لماذا علينا التفكير بما في داخل الصندوق فقط؟ لماذا لا نُحلق بأبنائنا التي المناطق التي يحبونها، وتستفزهم للإبحار فيها، ولكن تحت رقابتنا، وإشرافنا؟

ما ذكرته أعلاه، لا أذكره من باب التفاخر، ولكني أذكره لأن هناك من يقول أنني لو كنت معلمة لما حملت المعلم مسؤولية تدني المستوى التحصيلي الطالب، ولكني - ولأني معلمة - أحمل المعلم المسؤولية الأولى، وبعده يأتي دور المدرسة - حلقة الوصل بين المعلم والأسرة -، ثم دور ولي الأمر، ومن ثم الطالب، هذا طبعا إذا استثنينا المناهج والظروف المحيطة، والوضع النفسي والفسيولوجي للطالب.

لماذا وضعت الطالب في آخر درجة من درجات المسؤولية؟ لأنه في مرحلة عمرية غير واعية، ويحتاج لمن يأخذ بيده، ويسانده ليقف مستندا على وعي نغرسه، ونرويه بداخله.

ولماذا المعلم قبل ولي الأمر؟ لأن ولي الأمر قد يكون غير مدرك للوضع التعليمي، وهنا يأتي دور المدرسة في التواصل مع ولي الأمر، وتوضيح ما يشكل عليه حول وضع ابنه. والتواصل لا يكون مرة واحدة فقط، أو في اجتماع عمومي؛ بل إن كل طالب يستحق التفاتة خاصة من المعلم، والطاقم الإداري بالمدرسة.


احتوو "جيل الآيباد" وتقبلوهم كما هم، وحاولوا التفكير بعقولهم.

اجعلوهم يحبوكم، ويحبوا المادة؛ لأنهم إن أحبوها سيبدعون - مهما كانت غير قابلة للحب - وصدقوني الجميع سينجو، ويصل إلى الشاطئ بأمان.

أخيرا

أضع المقال في هذه المدونة عمدًا؛ لأن هذه المدونة نتاج جهد طالبات، كانت هذه العروض عبارة عن مشاريعهن في مادة تقنية المعلومات؛ لخدمة المناهج الأخرى، وهي جهد عامين من العمل - عمل الطالبات - وما أنا إلا مشرفة عليه.

هؤلاء هم الطلاب

وهذا ما حققوه.

أبناؤنا لن يفشلوا طالما كنا معهم.

وانتبهوا

"كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته"

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

.

.

بدرية البدري



كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته بواسطة مدونة تكامل في يناير 07, 2022 تقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

تحميل برنامج الشبكات للصف التاسع الأساسي، والتعرف على واجهة البرنامج

  يمكنك تحميل البرنامج من الرابط https://drive.google.com/file/d/1BwU3dWhLS0YY3Be83JS255pHobkBUBod/view?usp=sharing باتباع الشرح في الفيديو ...

صور المظاهر بواسطة enjoynz. يتم التشغيل بواسطة Blogger.